في الوقت ذاته أصبح الحوثيون، الذين بسطوا سيطرتهم على صنعاء عقب "ثورة" 21 أيلول/ سبتمبر 2014، قوة تصل آثارها إلى العمق الاقتصادي للسعودية وتضع المبادرات "لوقف العدوان على اليمن، فالآتي أكثر إيلاماً" كما جاء في خطاب رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشّاط، عشية ذكرى ثورتهم. يقول التميمي "إن كان الانسحاب حقيقياً فربما أرادت الإمارات إغلاق باب العمليات العسكرية الحاسمة، وهذا ليس في مصلحة السعودية، إذا بقيت الرياض تعتمد سياسة إقصاء القوات اليمنية وعدم تمكينها من السلاح اللازم لمواصلة قتال الحوثيين". صمت ونفي! وفي حين لم تعلّق حكومة هادي، المقيمة في الرياض منذ خمس سنوات، على هذا الانسحاب، يؤكد نائب وزير خارجية حكومة الإنقاذ من صنعاء حسين العزّي، أن "خبر الانسحاب غير حقيقي وليست له إشارات في الواقع، بل على العكس من ذلك هناك تصعيد عسكري في منطقة المخا الساحلية لقوات موالية للإمارات بينها سودانية"، ويضيف لـ"درج": "قرار السودانيين ليس بيدهم، إنما بيد الإمارات والسعودية". في هذا السياق، نفى الناطق باسم القوات المسلحة السودانية، العميد الركن عامر محمد الحسن، في حديث إلى قناة "الجزيرة مباشر" القطرية قبل أيام، صحة ما تداولته وسائل الإعلام السودانية حول الانسحاب من التحالف، مؤكداً أن "القوات السودانية لن تنسحب من اليمن لأنه لم يصدر قرار رسمي بالانسحاب".
وهذا لا يعني أنّ المؤشّرات تفيد أنّ الحرب في اليمن ستنتهي في شكل كامل، ولكنّ صيغة التدخّل المباشر في طريقها إلى التغيير، بحيث تستمرّ الحرب بأدوات يمنيّة مدعومة من أطراف خارجيّة. ففي حين لا توجد إحصاءات عن عدد القوّات التي درّبتها السعوديّة وموّلتها، فإنّ تقارير تحدّثت عن أنّ قوّات المجلس الانتقاليّ الجنوبيّ المدعومة إماراتيّاً تبلغ 90 ألف مقاتل. من الواضح أنّ القوّات السودانيّة المتبقّية في اليمن لن تكون كما كانت عليه في الفترة الماضية، خصوصاً مع ارتفاع الأصوات بعد الانتفاضة السودانيّة المطالبة بعودة قوّات بلادها من اليمن. لكنّ، بحسب ما أفاد مصدر سياسيّ سودانيّ لـ"المونيتور"، فضّل عدم الكشف عن هويّته لأسباب أمنيّة، فإنّ "هناك قوّات عسكريّة سودانيّة تعمل خارج إطار القوّات الرسميّة المدرجة أسماؤها وأرقامها في سجلّات وزارة الدفاع"، ممّا يعني أنّ عودة مشاركة القوّات السودانيّة في اليمن من دون إعلان رسميّ مفتوحة الاحتمالات، خصوصاً إذا ما فشلت المفاوضات بين السعوديّة والحوثيّين. ويعود الإبقاء على وجود رمزيّ للقوّات السودانيّة في اليمن من دون تحديد مهامها وأماكن تموضعها، إلى عدم ثقة السعوديّة بتحقيق سلام مكتمل الأركان مع الحوثيّين، كما يعني إعطاء غطاء لاستمرار التحالف العربيّ إلى حين إعلان السعوديّة رسميّاً عن انتهاء مهمّته في اليمن.
وأودت الحرب اليمنية على مدى أربع سنوات بحياة عشرات الألوف من الأشخاص ودفعت الملايين إلى شفا مجاعة. ويُنظر إلى الصراع في المنطقة على أنه حرب بالوكالة بين السعودية وإيران. ويقول الحوثيون الذين يسيطرون على أكبر المراكز الحضرية إنهم يقاتلون نظاما فاسدا. م. أ. م/ ص. ش ( رويترز، أ ف ب) بالصور.. ما تبقى من التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن أشار تقرير نشرته وكالة الأسوشيتدبرس نقلاً عن مصادر حكومية مغربية إلى قيام المغرب بوقف مشاركته في العمليات العسكرية والاجتماعات الوزارية الخاصة بالتحالف العربي دون ذكر أي تفاصيل أخرى. ولم يفُصح المغرب من قبل عن حجم مشاركاته العسكرية في عمليات التحالف، وإن كانت قد فقدت إحدى طائراتها المقاتلة من طراز "إف 16" في اليمن عام 2015. بالصور.. ما تبقى من التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن شاركت قطر في التحالف العربي باعتبارها عضو في مجلس التعاون الخليجي، بعشر طائرات مقاتلة، وذلك ضمن طلعات جوية عام 2015. وفي يونيو/ حزيران 2017، أعلن التحالف إنهاء مشاركة قطر فيه عقب الأزمة الخليجية واتهامات متبادلة بين أطرافها بالتدخل في الشؤون الداخلية لكل منها ودعم الإرهاب.
فبر 3, 2020 بيروت:لم يكن مفاجئاً في 14 كانون الثاني/يناير خبر تقليص عدد القوّات السودانيّة إلى ست مئة مقاتل في اليمن حيث تشارك السودان في التحالف العربي الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين المدعومين من إيران منذ آذار 2015. وقد أكد الناطق باسم قوّات الدعم السريع التابعة إلى الجيش السودانيّ العميد جمال جمعة آدم لوكالات الأنباء في 14 كانون الثاني/يناير الجاري أنّ "مجموعة بسيطة تبقّت من القوّات السودانيّة في اليمن، وهي آخر قوّة موجودة هناك وتمثّل 657 فرداً،" مشيراً إلى أنّ القوّات السودانيّة الموجودة في اليمن كانت تعمل ضمن قطاعين، قطاع الإمارات العربيّة المتّحدة داخل عدن في جنوب اليمن، والقطاع السعوديّ الذي يمتدّ على الحدود السعوديّة-اليمنيّة المحاذية لمناطق سيطرة الحوثيّين. وهذه الخطوة هي الثانية للسودان، حيث يقلّص عدد قوّاته في اليمن، وقد سبق وأعلن رئيس الوزراء السودانيّ عبد الله حمدوك، في 8 كانون الأوّل/ديسمبر الماضي أنّ بلاده قلّصت عدد جنودها في اليمن من حوالى 15 ألفاً إلى 5 آلاف. وقدّر عدد الجنود السودانيين المشاركين ضمن قوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن بحوالي 30 ألفاً في حزيران/ يونيو 2019.
"ذات زيارة صحافية إلى صحراء ميدي (شمال اليمن) عقب معركة شهيرة قُتل فيها أكثر من 200 سوداني، شاهدتُ جثثاً متناثرة في تلك الصحراء المترامية. سألتُ عن بقايا الجثث المكومة على بعضها، فقيل إنها لمقاتلين سودانيين قُتلوا أثناء المعركة التي حدثت قبل يومين من الزيارة" يحكي عبد الرحمن الأهنومي، رئيس تحرير صحيفة الثورة الرسمية (يديرها الحوثيون)، عن وضع القوات السودانية المشاركة في الحرب التي تقودها السعودية والإمارات على اليمن منذ آذار/ مارس 2015. ويضيف لـ"درج": "أكد لي مقاتلون من الجيش واللجان الشعبية (وحدات عسكرية تتبع السلطات في صنعاء) أنه عادة ما يرفض الضباط السعوديون استلام جثامين السودانيين، مطالبين بجثث جنودهم فقط". خلال خمس سنوات من الحرب على اليمن "بلغ عدد الضحايا من القوات السودانية 8 آلاف بينهم 4253 قتيلاً، من بين ذلك 459 قتيلاً خلال العام الجاري فقط"، كما قال العميد يحيى سريع، المتحدث باسم القوات المسلحة التابعة للسلطات في صنعاء، في مؤتمر صحافي، مؤكداً أن قواته قادرة على "استهداف أي تشكيلات عسكرية جديدة من المرتزقة قبل وصولها إلى الأراضي اليمنية". يقول سريع إن "القوات السودانية الموجودة داخل اليمن تعتبر أهدافاً مشروعة لنيراننا وأي تشكيلات أخرى تساند تحالف العدوان بغض النظر عن مكان وجودها".
وتقاتل القوات السودانية إلى جانب السعودية والإمارات مقابل المال، إذ قال حميدتي في خطاب سابق له إن "القوات السودانية مواصلة في دعم التحالف"، وذلك عقب مطالبة الثوار بالانسحاب من اليمن. وأضاف: "الأموال المدفوعة من الإمارات والسعودية دخلت البنك المركزي، ولم تدخل في جيب حميدتي أو غيره"، في إشارة إلى المساعدات المقدمة من أبو ظبي والرياض والبالغة 3 مليارات دولار. واعترف الرئيس السابق عمر البشير، في أولى جلسات محاكمته أن "الأموال الكبيرة التي عثر عليها في منزله، تسلمها بصورة شخصية كهدايا من رئيس الإمارات خليفة بن زايد عبر ولي عهده، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان"، وهي اعترافات تؤكد أن نظام البشير قام "ببيع أبناء الجيش السوداني ليعملوا مقاتلين مرتزقة، لمصلحة تحالف العدوان السعودي الإماراتي في اليمن، لا قيمة لدمائهم وأرواحهم" بحسب اتهامات المعارضة له. محارق ومستقبل مجهول يحرص التحالف على تقديم القوات السودانية في الصفوف الأولى للمعارك كبش فداء "ويتم الزج بهم في أخطر المناطق، وأقذر المهمات، ويعاملون باستخفاف كبير. حدث أن رفض السعوديون استلام عشرات الجثث للجنود السودانيين وردوا بالحرف الواحد دعوهم للشمس"، كما أكد الأهنومي.
عن ذلك يقول الشيخ الطيب إن "هذا التعليق لا يعبر عن توجه الشعب السوداني، ولا يغيّر في الواقع شيئاً، لأن الانسحاب يجب أن يتم"، مؤكداً أن الناطق جزء من النظام السابق وليس من الثورة. مناطق التمركز تتمركز القوات السودانية المشاركة في عدد من الجبهات، وهي فريقان أحدهما يقاتل مع السعودية والآخر مع الإمارات، إذ هناك "عدد من الألوية في الجبهات الشمالية لليمن وتحديداً في محاور نجران وجيزان وعسير لحماية الحدود السعودية"، بحسب الأهنومي الذي أضاف لـ"درج": "اللواء الثاني حزم، الذي قُتل وأُصيب المئات من منتسبيه في مقتلة مشهورة بـمقبرة الجيش السوداني في صحراء ميدي، جيء باللواء الرابع حزم بديلاً عنه". وتابع الأهنومي: "هناك اللواء الخامس حزم وقوامه 5 آلاف سوداني في الخوبة، واللواء السادس حزم في صامطة وله انتشار تكتيكي إلى ميدي وغرب حرض، إضافة إلى كتيبتين قوامهما يصل إلى ألفي جندي في منطقة مجازة، وفي سقام (نجران) كتيبة قوامها 600 جندي". وأكّد "وجود 6 ألوية سودانية في الساحل الغربي منها اللواء الرابع أشاوس واللواء السادس وهؤلاء يقاتلون كمرتزقة مع النظام الإماراتي، وفي عدن ولحج لواء قوامه ألف جندي وضابط، منهم سرية مشاة في رأس عباس وكتيبتان في مطار عدن ومطار بدر وكتيبة في قاعدة العند الجوية".