ومن عجيب أمرهم في ذلك أنهم إذا وجدوا الحكم لصالحهم قبلوه، وإن يك عليهم يعرضوا عنه، كما أخبر الله بذلك حيث قال: (وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ * وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)[النور:47-50]. 10- ومن صفاتهم الخبيثة طعنهم في المؤمنين وتشكيكهم في نوايا الطائعين: (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)[التوبة:79]. فهم لا يعرفون الإخلاص، وما تحققت في قلوبهم العبودية لله، فظنوا أن المؤمنين كالمنافقين ، لا يفعلون طاعة إلا لغرض دنيوي، فالفنانة التي تابت قبضت الملايين-بزعمهم-، والمجاهدون قوم فشلوا في الحياة فاختاروا الانتحار... إلخ.
توفيق الحكيم كان يرى أن "المجاملة هي النفاق الصغير.. وهي كالجحش بالنسبة إلي الحمار". "من نظر في عيوب الناس فأنكرها، ثم رضاها لنفسه، فذلك المنافق بعينه" فهذا مثل شهير يتداوله البعض، ويُعد مُطابق للحقيقة، حينما نعرف النفاق، بأنه أن تقول مالا تفعل، وتظهر عكس ما تخفي في قلبك، وأن تبدي خيراً وتبطن شراً. قدمنا لكم نبذه عن النفاق الذي يعتقد البعض أنه من الأدوات الهامة للحصول على المراتب العُليا في المجتمع وتقلُد المناصب وجني الأموال الطائلة، ويتناسى كونه من السلوك المذمومة التي حثنا ديننا الحنيف على تفاديها وعدم الوقوع فريسه لها، إذ أن ضعف الإيمان وحب الدنيا هما من أهم الأسباب التي تؤدي إلى الوقوع في براثن النفاق، لذا فنتمنع من الله أن يعافينا وإياكم من النفاق ويبعدنا عنه، ويرزقنا طيب الأخلاق والأعمال التي تُقربنا من الله تعالى. المراجع 1- 2- 3-
النفاق واقسامة – ا لنفاق لغةً: مأخوذ من النافقاء وهو أحد مخارج اليربوع من جحره ، فإذا طُلِب من واحد هرب إلى الآخر و خرج منه. والنفاق – شرعاً – على نوعين: -1 النفاق الأكبر: وهو أن يظهر الإيمان و يبطن الكفر. ومن أمثلته: البغض و الكراهية لما جاء به الرسول ، كما وصف الله تعالى المنافقين بقوله: ( ذلك بأنهم كرهوا ما انزل الله فأحبط أعمالهم) السرور و الفرح بانخفاض دين الإسلام وكراهية انتصار دين الإسلام كما قال تعالى عنهم: ( إن تمسسكم حسنة تسوؤهم وان تصبكم سيئة يفرحوا بها وان تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا) فإذا أصاب المؤمنين خصب ونصر و تأييد ساء ذلك المنافقين، و إن أصاب المسلمين جدب و هزيمة فرح المنافقون بذلك ، وهذه الحال دالة على شدة العداوة منهم للمؤمنين. النفاق الأصغر: وهو اختلاف السرّ و العلانية ، بأن يظهر الطاعة و يبطن المعصية. كما جاء في حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي قال:” آيَةُ الْمُنَافِقِ ثلاثَ إذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ)
وهؤلاء مَوجودون في كل زمان ، ولا سيما عندما تظهر قوة الإسلام ولا يستطيعون مقاومته في الظاهر ، فإنهم يظهرون الدخول فيه ؛ لأجل الكيد له ولأهله في الباطن ؛ ولأجل أن يعيشوا مع المسلمين ويأمنوا على دمائهم وأموالهم ؛ فيظهر المنافق إيمانه بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ؛ وهو في الباطن منسلخ من ذلك كله مكذب به ، لا يؤمن بالله ، ولا يؤمن بأن الله تكلم بكلام أنزله على بشر جعله رسولًا للناس يهديهم بإذنه ، وينذرهم بأسه ويخوفهم عقابه ، وقد هتك الله أستار هؤلاء المنافقين ، وكشف أسرارهم في القرآن الكريم ، وجلى لعباده أمورهم ؛ ليكونوا منها ومن أهلها على حذر. وذكرَ طوائف العالم الثلاث في أول البقرة: المؤمنين ، والكفار ، والمنافقين ، فذكر في المؤمنين أربع آيات ، وفي الكفار آيتين ، وفي المنافقين ثلاث عشرة آية ؛ لكثرتهم وعموم الابتلاء بهم ، وشدة فتنتهم على الإسلام وأهله ، فإن بلية الإسلام بهم شديدة جدًّا ؛ لأنهم منسوبون إليه وإلى نصرته وموالاته ، وهم أعداؤه في الحقيقة ؛ يخرجون عداوته في كل قالب يظن الجاهل أنه علم وإصلاح ، وهو غاية الجهل والإفساد. وهذا النفاق ستة أنواع 1 - تكذيب الرسول - صلى الله عليه وسلم.
ونحن لا نفضّل إعطاء خطة جاهزة ولكنها معالم تُعينك بإذن الله على بلوغ الغاية، وسوف أسعد إذا قدمت ما هو أفضل وأجود، ولا شك أن هذا الموضوع يشتمل على مقدمة تحتوي على العناصر التالية: 1- سبب اختيار الموضوع. 2- أهمية الموضوع. 3- موقع الدراسة من الدراسات السابقة؛ حتى نعرف الفضل لأهله، ونحاول أن نكمل ما بدأه الذين سبقونا، وهذا يتطلب مروراً على المكتبات والوقوف على ما ورد في داخل المؤلفات. 4- مشاكل الدراسة والصعوبات. 5- خطة البحث. ومن الضروري أن يشتمل البحث على: 1- تعريف لكلمة النفاق لغةً واصطلاحاً. 2- لمحة تاريخية عن نشأة النفاق. 3- علاقة النفاق والمنافقين باليهود (( أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ... ))[الحشر:11]. كذلك لابد من الإشارة إلى الفرق بين المنافقين والمشركين، وبيان خطورة النفاق، والإشارة إلى الوقت والتاريخ الذي ظهر فيه النفاق في المدينة، وما هي الأسباب؟ وما هو منهج الرسول صلى الله عليه وسلم في التعامل مع المنافقين؟ ثم التعرض لأساليب المنافقين في محاربة الدعوة (حادثة الإفك، مسجد الضرار، تخذيل المجاهدين). كذلك علامات المنافقين كما وردت في سور القرآن، وخاصة سورة التوبة التي قال عنها ابن عباس: ( حتى خشينا أن تُسمي -يعني أن تذكر الأسماء- فقد تردد فيها قوله تعالى: ومنهم.. ومنهم.. ).
هنالك العديد من المقومات التي يعتمد عليها مقوم النفاق التي من بينها؛ خداع الآخرين والذات، والحكم على المُحيطين بقوة وقسوة على عكس التعامل مع الذات. فتتكاثر سوالب الحياة، بعدما يضعف الإنسان عن مواجهة واقع أضحى مزيفاً بصورة كلية. فنجد أن الأسرة التي هي البنية الأساسية للمجتمع، قد فسدت وتشكلت بيئة غير مواتية للنجاح والرضا. يربي الأشخاص أبناؤهم على الزيف، واختزال الحقائق، إذ أن بتفضيل تلك المعاملات التي يدخل فيها النفاق. الكذب فيما يخص مشاعرهم وعلاقاتهم العملية والأسرية، ومن ثم "على الباغي تدور الدوائر" كما يقولون في الأمثال. كثيرون هم من يمارسون النفاق، دون حرج أو تردد، على مرأى ومسمع من أطفالهم، وأصدقائهم، بل ويعتبرونه نوع من القدرات الخاصة في المعاملات الاجتماعية، فيما يكون نوع من الانحطاط والفشل في إدارة الحياة بصورة شفافة وعفوية، تمنحهم الرضا والراحة النفسية. ولا نستطيع أن نختزل الحقيقة التي بتنا جميعاً ندركها بحواسنا ، قبل عقولنا وألسنتنا، وهنا تصبح المواجهة مع الذات، ضرورة إذا آثرنا السلامة. فالنفاق في إبداء ما لا نعتقده، وما لا نؤمن به، وما لا نريده حقاً يمكن أن ينال من سلامتنا النفسية والصحية.